هذه المدونة لازالت قيد التطوير وشكلها كده هتفضل برضو قيد التطوير!

06 سبتمبر 2010

أطفال الشوارع وسياسة التهميش

بدأ الأمر عندما قرأت تويتة -رسالة بموقع تويتر- لسلمى حجاب و التي عادة أتابع رسائلها بإهتمام شديد. كانت سلمى تستغرب وجود متسولي وأطفال الشوارع بحى الزمالك -أحد الأحياء الراقية بالقاهرة- وكيف أن سكان هذا الحى ذوي معايير الحياة المترفة لا يدركون سوء الأحوال الإقتصادية بمصر.

كانت إجابتي عليها بإننا -كبشر ذوي طبيعة بشرية واحدة- نعود أعيننا بشكل تلقائي على تجاهل مظاهر البؤس وكأنها غير موجودة أصلاً! وكأن منظر الطفل الصغير النائم على أحد الأرصفة متخذاً كرتونة متسخة غطاءاً له تقيه برد الشتاء هو جزء لا يتجزأ من الرصيف نفسه كالأسفلت مثلاً. هل يتأمل أحدنا أسفلت الشوارع؟

تماماً كحال من تتعود عيناه على رؤية الزهور والذي غالباً ما يتوقف عن تأمل جمالها وتشمم رائحتها الذكية.
لكن... ربما لم أعط إجابتي حقها في التفكير، فهناك نوعان من ساكنى هذه الأحياء ولا يقتصر الأمر على من يتعود رؤيتهم فقط.
النوع الأول هو النوع الذي سبق شرحه وهو من تعود على رؤية المشكلة أمام بيته، في شارعه، في جراج سيارته الفارهة، في إشارات المرور، أمام المول الفخم الذي يتسوق فيه..إلخ
أما النوع الثاني فهو من لا يكترث بالمشكلة أصلاً طالما لا تتعلق هذه المشكلة به بشكل أو بأخر.

ولكن من الظلم أن نصنف الأحياء الراقية فقط. لأن المشكلة هى مشكلة عامة ومنتشرة بين كافة طبقات المجتمع. وربما لا تقتصر الأسباب و الأنواع على هذان النوعان وتتعدد... ولكن في نهاية الأمر النتيجة واحدة! ألا وهى تهميش وتجاهل المشكلة. مشكلة أطفال الشوارع

ومشكلة التشرد ليست مقتصرة على مصر فقط بل هى منتشرة عالمياً في جميع دول العالم لذلك آثرت ألا تكون هذه التدوينة مصنفة تحت تصنيف المصريات.. هذه التدوينة يجب أن يكون لديها تصنيفها الخاص. تصنيف الإنسانيات. تصنيف الرقة والرحمة والعدل..

ربما أول من ألقى الضوء على هذه المشكلة كان مسلسل «أولاد الشوارع» والذي قامت الممثلة حنان ترك بدور البطلة و طفلة الشارع التي تعاني بسبب تشردها هى وأصدقائها.
وبرغم جودة المحتوى الذي قدمه هذا المسلسل إلا إنه قد إفتقر للمصداقية بالإضافة إلى عدة عوامل. فأطفال الشوارع مشاكلهم أبشع مائة مرة مما صوره لنا كاتب المسلسل. فهو لم يتعرض لمشاكل الأعضاء وبيعها أو سرقتها من هذه الأطفال. لم يتعرض للمشاكل والإنحلالات الجنسية التي ترافق هذه الأطفال وما تتخلله من إنتشار للأمراض الخبيثة والتي عاجلاً أم أجلاً وبطريقة أو بأخرى ستنتقل إلى باقي طبقات المجتمع مهما تم تهمييش وتجاهل المشكلة.

حل المشكلة ليس بالضرورة دعم هذه الأطفال بالأموال. فلا تعتقد عزيزي القارئ بإنك قد خلصت ضميرك بإعطائك حسنة قليلة تمنع بلاوي كتيرة لهذا الطفل. فيتم إنفاق الأموال وتظل المشكلة قائمة. وجمع هؤلاء الأطفال في ملاجئ دون المستوي مع بعضهم البعض لا يسبب إلا تفاقم المشكلة بشكل أكبر وزيادة الإحتكاكات العنيفة فيما بين الأطفال ولا تقوم إلا بشحذهم ليكونوا أكثر قسوة و فساداًَ و إدماناً و إنحلالاً وذلك لغياب الرقابة الفعلية على هذه الملاجئ.

في رأيي وبشكل مختصر وغير مفصل فإن حل المشكلة يقتضي بمعرفة سبب المشكلة أصلاً ومحاولة علاجه. بعض الأطفال يصبحون أطفال شوارع نتيجة التفكك الأسري وعدم رغبة الأباء -منزوعي الرحمة أو عديمي الشخصية- في إحتواء أبنائهم فلا يجد هؤلاء الأطفال غير الشارع موافقاً على إحتضانهم وإيوائهم. أو عدم أهلية هذه الأباء أصلاً وبالتالي يتجه الطفل بطبيعته للأمور الخاطئة ولا يجد من يوجهه للصواب وفي النهاية يتجه للشارع ويكره بيته ويتركه ليعيش متشرداً لأعوام حتى ينتهي به الحال إما مقتولاً من أحد زملاء التشرد، ميتاً بعد صراع مع مرض خبيث إلتقطه من الشارع أو مرض بسيط جداً كالبرد مثلاً لكن دون أن يلقى عناية طبية لائقة، ميتاً جراء شمة زائدة لمخدر (في الغالب كوله) أو مسجوناً بسبب إرتكابه جريمة بشعة لم يلقنه أحد درساً في مدى بشاعتها وقسوتها لأنه لم يتعلم الفرق بين الصواب والخطأ.


تسلق السلم يبدأ من أوله. ولو بدأنا بعلاج أو محاولة إخفاء وضع طفل الشارع الحالي فسنظل كذلك للأبد نعالج مظاهر ونتائج المشكلة. لنبدأ من الجزور - أصل المشكلة ونقوم بعلاجها حتى لا يصير لدينا أطفال شوارع أصلاً.
توعية الأباء وجعلهم أهل للتربية الصحيحة، تقديم التعليم المناسب و إحتواء أطفال الشوارع الحاليين بشكل حقيقي وصادق وليس كما يحدث بالملاجئ و الإصلاحيات من تجاوزات أخلاقية و دينية غير رحيمة.

لقد أكثرت الحديث بغير داع. لكن أحب أن أعرف ما رأيكم في المشكلة وما هى الطرق الصحيحة لعلاج المشكلة؟ لنجعلها تدوينة الحلول المقترحة لعلاج المشكلة مادام المسئولين أظهروا فشلاً عاماً في علاجها.

هناك 5 تعليقات:

  1. دعني أختلف معك بكلام أراه منطقي
    من تحكي عنهم بالفعل موجودون ويعانون وكل هذا صحيح
    ولكن...
    أغلبهم ليس من سكان القاهره أساساً وما "هاجر" إلي القاهره إلا لزيادة مستواه المعيشي!
    يمكنه العيش في بلده بمبلغ بسيط يشتري به أشياء بسيطة، ولكن الطمع!
    فيهاجر للقاهره ويترك أهله بالسنين (اللهم إلا في الأعياد) ثم يأتي بعد 20 عاماً فيشتري أراضي وبيع وعقارات ويكون "شيخ البلد"!
    والأمرّ في الموضوع أنهم لا يعملون أساساً إلا بالـ"شحاته"
    وسامحني لو قلت لك أنهم لوثوا شوارعنا بمناظرهم وألفاظهم التي لم تحل مشكلاتهم ولم تجعلنا نتعاطف معهم

    أعتذر للتعليق باسم مجهول، فبلوجر مثل مصالحنا الحكومية صعب بعض الشئ :)

    ردحذف
  2. لا لم تطل الحديث ! .. هناك نقاط كثيرة كنت أنتظر منك التطرق إليها، أنت ذكرت جزء من جذور المشكلة لم تذكرها كل الجذر، هناك أطفال من هؤلاء نتجوا عن جرائم إغتصاب و الزنا و غيرها و بالتالي هم أصلاً بلا أهل، ذهبت من عدة سنوات في زيارة لإحدى دور الأيتام و بدأت بسؤال الأطفال عن أساميهم زويهم أي شيء لأجدهم صفر ! .. بالطبع هذا ليس ذنبهم و لكن إنتشار الزواج العرفي و انتشار الرذيلة سبب كبير جداً من أسباب ظاهرة أطفال الشوارع، أيضاً الخلفة الزايدة من الأسباب و أنا شخصياً مقتنع تماماً أن هناك من يتزوج و ينجب كثيراً من منطلق أن هؤلاء الأطفال سيعملون و يجلبون له المال، و بالتالي هو يتركهم في الشارع و يطلب منهم في نهاية اليوم كمية من المال.

    الحالة السيئة للبلد تخلق أسباباً كثيرة لوجود ظاهرة أطفال الشوارع، و كل المعطيات برهانها سيؤدي إلى هذا الناتج بلا شك، لا تعليم صحيح لا صحة صحيحة لا ثقافة صحيحة بل حتى دور الأيتام أصبحت تعاني من الإهمال التام و أصبحت أشبه بسجن للأطفال.

    هناك المزيد و المزيد من الأسباب و الحل الأساسي للمشكلة يبدأ التنمية و بقوة في كل قطاعات البلد، عندما تنمي قرى و محافظات الصعيد و تعمر كل هذه الصحراء سيقل تكدس السكان في مكان واحد و ستستطيع عندها أن تحل مئات المشكلات و ليس فقط مشكلة أطفال الشوارع !

    إعذرني بشدة على الإطالة، تقبل فائق احترامي.

    ردحذف
  3. @غير معرف
    لم أقصد الشحاتين اللي بنقابلهم على طول وتعودنا على منظرهم - بل قصدت أطفال الشوارع الذين يتسولوا للحصول على أى مبلغ يشترون به عشاء اليوم
    وهذه الفئة المهمشة تأتي أصلاً من التفككات الأسرية فكما قلت أباء وأمهات غير قادرة على التربية والتقويم فيترك الطفل بيته أو أب متزوج و أم متزوجة وكلاً منهم لا يريد الطفل ويترك مسئوليته للطرف الأخر وهؤلاء هم من يحتاجون المساعدة فعلاً
    شكراً على مرورك وأتمني أن تتكرر :)

    @حسن يحيى
    ما قصدته يا حسن ليس إستعراض أسس المشكلة بل قصدت الإشارة أن حل المشكلة يكمن في تتبع الأساس وليس النتيجة كما نفعل حالياً ونعم هناك الكثير من الأسباب لكن لو قمت بإستعراض بعضها مع ضرب بعض الأمثلة الحقيقية من أطفال الشوارع تم عمل معهم مقابلات شخصية سابقة (مساعدة لصديق ببحث ميداني) لإستمر الحديث لساعات وملأت الكلمات الصفحات لذا آثرت للإشارة فقط أن أساس المشكلة هو حلها في نفس الوقت.
    في رأيي أول حل هو صلاح التعليم.. صلاح التعليم ثم صلاح التعليم ثم البدء في بناء أطفال تفهم معنى الصواب والخطأ وترفض الخطأ لأنه خطأ - البدء في بناء أباء قادرة على الإحتواء
    أنت تعرف اني دائماً أتشرف وأفرح بمرورك وتعليقك :)

    ردحذف
  4. أنا أعني أن الشحاتين هم هم أطفال الشوارع، فهل تريد أن تقنعني مثلاً أن أطفال الشوارع هم أولاد ذوات من الزمالك أو الرحاب أو مدينة نصر مثلاً؟
    هم نفس النوعية التي هاجرت ولكن لكي تحتال وتشحت وليس لتعمل

    ردحذف
  5. عذراً أخلافك الرأى.. هناك فرقاً كبيراً بين الشحاتين و أطفال الشوارع. الشحاتين هم قوماً بالغة لديها بيوتاً دافئة وفراشاً متدثرة ولكنها تمتهن التسول - سواء كانوا من القاهرة أصلاً أو هاجروا وهذه ليست نقطة مهمة

    أما أطفال الشوارع وربما تندهش فهم أطفال وقاصرون ليس لديهم منازل ويعيشون في الشوارع وعلى غير المتوقف فبعضهم يعمل بالفعل ليحصل على عشاء يومه.
    في الغالب يمتهنون غسيل السيارات وبيع الفل و الورود والمناديل في إشارات الطرق.

    ردحذف